هذا الموقف الجمالي، الذي كشف جزءاً منه عبد الله عريف بمداخلته تلك قائم على التأمل العميق، والانغماس تحت قشور الأشياء للوصول إلى لبابها، وهذا التأمل، لا يعرف عمقه إلاّ النخبة من أهل الفكر الذين يدركون نفائس الأفكار، ويقدّرون الجهد المبذول في الغوص إليها، أما أوساط الناس وعامتهم فلا شأن لحمزة بهم، لأننا حين نكتب لهم فإننا نئد الجمال، ونطفي جذوته. إن الحياة لا تكون متحفاً للصور الجميلة والأحجار المنحوتة والخشب المنجور إلا عند أصحاب العقول المنطفئة، والأحاسيس البليدة الذين ((يخافون من الفجيعة ويفرقون من مفازع الحرية وانطلاق ومفاجآت الزمن الراكض)) (?) .

ولهذا كان دور الأديب التنوير، والارتقاء بالوعي، أمّا حين يكون وعيه بمستوى وعي أوساط الناس، فإن هذه هي “ البطالة الفكرية ” التي لا تصنع شيئاً سوى الثرثرة وتسويد الصحف (?) .

يقول في قصيدة تأملات:

آثرت أن أظمأ وعفت مواردي

واعتضت عن نومي انتباهة ساهدِ

وصرفت نفسي عن عُلالات الهوى

لمّا أجلت بهنّ رأي الناقد

ونذرت نفسي للجهاد فهالها

ألا تشدّ على اللغوب بعاضد

فإذا مراد النفس أبعد غاية

مما يُعين عليه جُهد الجاهد

وإذا الحياة بغير مجدٍ قصةٌ

زكّى القنوط بها فواتُ الشاهدِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015