وقوله: تزيينه أي تزيده حسنا، وهذا من القصد في الكلام، وقد أبى المولدون إلا الغلو في هذا المعنى، وأن يغلبوه، فقال في الحماسة حسين بن مطير: (?)
مبللة الأطراف زانت عقودها ... بأحسن مما زينتها عقودها
قال خالد القسري لعمر بن عبد العزيز: من تكن الخلافة زينته، فأنت زينتها، ومن تكن شرفته، فأنت شرفتها، وأنت كما قال مالك بن أسماء:
وتزيدين أطيب الطيب طيبا ... ... إن تمسيه أين مثلك أينا
وإذا الدر زان حسن وجوه ... كان للدر حسن وجهك زينا
فقال عمر: إن صاحبكم أعطى مقولا ولم يعط معقولا (?) " (?) .
ويعلل السهيلي سبب استهجان عمر بن عبد العزيز لكلام خالد القسري: فيقول: "وإنما لم يحسن هذا من خالد، لما قصد به التملق، وإلا فقد صدر مثل هذا المعنى عن الصديق، فحسن لما عضده من التحقيق والتحري للحق، والبعد عن الملق والخلابة، وذلك حين عهد إلى عمر بالخلافة، ودفع إليه عهده مختوما، وهو لا يعرف ما فيه، فلما عرف ما فيه رجع إليه حزينا كهيئة الثكلى، يقول: حملتني عبئا لا أضطلع به، وأوردتني موردا لا أدري: كيف الصدر عنه، فقال له الصديق: ما آثرتك بها، ولكني آثرتها بك، وما قصدت مساءتك، ولكن رجوت إدخال السرور على المؤمنين بك (?) " (?) .
ويتابع السهيلي مؤكدا أن الحطيئة سبك معنى كلام الصديق في نظمه، مستطردا إلى ذكر ما حصل من نقل لهذا المعنى إلى النسيب، وإلى الغلو فيه عند المتاخرين، فيقول: "ومن ههنا أخذ الحطيئة قوله:
ما آثروك بها إذ قدموك لها لكن لأنفسهم كانت بها الأثر