أمّا الآيات الدالة على أنّ إرسال الرسل وإنزال الكتب لأجل أن يعبد الله وحده فهي كثيرة مثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ... ((?) ، وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ((?) ، وقوله تعالى: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِءَالِهَةً يُعْبَدُونَ ((?) ، وقد بيّن تعالى هذا المعنى الَّذي هو تحقيق معنى لا إله إِلاَّ الله في سورة الفاتحة بقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ((?) ، لأنّ معنى لا إله إِلاَّ الله مركّب من أمرين: نفي وإثبات، فالنفي هو خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات، والإثبات هو إفراد ربّ السماوات وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع، وأشار إلى النفي من لا إله إِلاَّ الله بتقديم المعمول الَّذي هو إياك، وقد تقرّر في علم الأصول وعلم المعاني أن تقديم المعمول من صيغ الحصر، وأشار إلى الإثبات منها بقوله: نعبد، وقد بيّن هذا المعنى المشار إليه هنا في قوله: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ... (، وصرّح بالنفي منها في قوله: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ((?) .