وذلك ما بدئت به سورة هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهو إفراد الله وحده بالعبادة دون سواه فهذا هو الَّذي بعثت الرسل من أجله، ودارت فيه المعارك بين الحقّ والباطل، واهتم به القرآن الكريم في السور المكيّة اهتمامًا بالغًا فلا تكاد تقرأ سورة من السور المكيّة إِلاَّ وفيها تقرير التوحيد.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ((?) .
هذه الآية الَّتي هي قوله: (أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (فيها الدلالة الواضحة على أنّ الحكمة العظمى الَّتي أنزل القرآن من أجلها هي أن يُعبد جَلَّ وَعَلا وحده ولا يشرك به في عبادته شيء لأنّ قوله جلّ وعلا: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ (صريحٌ في أنّ آيات هذا الكتاب فصّلت من عند الحكيم الخبير لأجل أن يعبد الله وحده سواء قلنا إن (أَنْ) هي المفسَرة، أو أن المصدر المنسبك منها ومن صلتها مفعول من أجله، فمعنى الآية: أن تفصيل القرآن هو أن يعبد الله تعالى وحده ولا يشرك به شيء، ونظير هذا المعنى قوله تعالى في سورة الأنبياء: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ((?) ، ومعلوم أن إِنَّما من صيغ الحصر فكأن جميع ما أوحي إليه منحصر في معنى لا إله إِلاَّ
الله (?) ، وهذا هو أساس الدعوة إلى الله بلا شكّ.