ومن دونهم ثقافة وعلمًا، فالمدار على معرفة الداعي ما يدعو إليه، ومن هنا تكون الدعوة إلى الله فرض عين، ويؤيّد ذلك ظاهر قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... ((?) ، فإذا حملنا هذه الآيات الَّتي فيها التوكيد بالأمر بالمعروف والنهْي عن المنكر على خصوص أفراد في خصوص جماعات وأوقات وأماكن كما ذكرنا وأوجبنا عليهم أن يكونوا في جميع حالاتهم آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر إيجابًا عينيًا في هذه الأوقات وهذه المجتمعات الخاصة بكلّ فرد وجعلنا (مِن) في الآية معناها التبعيض كان المعنى أَنَّه لا بُدّ لمن يلي أمر المسلمين أن يخصص جماعة من علماء الأمّة يعرفون ما يأمرون به ويأتونه، ويعرفون ما ينهون عنه ويبتعدون منه، وأن يجعل في كلّ قطر من الأقطار جماعة بهذا الشكل يدعون إلى دين الله وتوحيده وعبادته والاستقامة على ذلك يعرفون الحلال والحرام ويتخصصون في رسم السبل الَّتي تعيد للأمّة قوّتها ومجدها وللإسلام مكانته في قيادة النّاس إلى الخير، فإذا قامت هذه الطائفة بالدعوة إلى الله كان مَن سواهم من الأمّة غير آثم بتركه هذه المهمة لأَنَّها قام بها من هو أهل لها، لكنَّ بقيّة الأمّة مطالبون بالدعوة في حقّ أهليهم وجيرانهم كما تقدّم، ولا يقول عاقل إن من رأى منكرًا يُرتكب في بيته أو في مقرّ عمله أو في جيرانه يقول لا عليّ لأنّ هناك جماعة ذهبت إلى أوربا وأمريكا دعاة فننتظر قدوم هذه الجماعة ليغيّروا هذا المنكر؛ هذا لا يقوله عاقل، وإن لم يفعل ذلك من يقوم بأمر المسلمين أثم وأثمت الأمّة بسكوتهم على ذلك، إذا فعلنا ما ذكر نكون جمعنا بين القولين، والجمع واجب إذا أمكن، والله تعالى أعلم.

المبحث الثالث: في بيان الهدف من الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015