فالقسم الخاص هو الَّذي يعنيه القائلون بوجوبهما وجوبًا عينيًا، وبيان ذلك أن كلّ إنسان راع ومسئول عن رعيّته مثل الرَّجل في بيته مع أولاده وزوجاته وجيرانه وزملائه في التّعليم والعمل والسفر فيجب على كلّ مكلّف أن يأمر أهله وجيرته وزملاءه بالخير وينهاهم عن الشر امتثالاً لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ... ((?) ، وتطبيقًا للأحاديث الكثيرة الَّتي ورد فيها التوكيد على الأمّة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكلّ فرد لم يتّصف بهاتين الصفتين لم توجد فيه صفة الإيمان الَّتي وصف الله بها المؤمنين في قوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... ((?) بل اتصف بصفات المنافقين الَّتي وصفهم الله بها في قوله: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ... ((?) ، ودخل في الذمّ الَّذي ذمّ الله به بني إسرائيل في قوله: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ((?) ، وفي قوله فيهم أَيضًا: (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ((?) . ولا ريب أن الغالب من المسلمين لا يجهلون وجوب الصلاة والصيام والزكاة ومعنى الشهادتين ومعنى الإسلام في الجملة وذلك كان في القيام بالدعوة على هذا النحو؛ وهو يشمل العالم والمثقّف والعامل والصانع