ويقول صدر الأفاضل - وهو أحد شرَّاح المفصل-: ((قال الشيخ ينبغي أن تعلم أن النفي بها لا يكون للتأبيد، لكنه يكون أشد وأبلغ منه في لا، واستدلَّ لذلك باستعمالهم إيَّاها مع التقييد واستشهد بقوله تعالى (فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي ((?) ولك أن تقول: ما المانع من أن تكون للتأبيد، ويستعمل مع التقييد؟ ألا ترى أنك لو قرنتها بلفظة التأبيد لم يمنع من التقييد أيضاً مثاله قولك:لن أخرج أبداً حتى يأذن لي الأمير، وقال تعالى: (إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها ((?) وهذا تقييد مع التأبيد)) (?)
فصدر الأفاضل ينقل نصّاً من الشيخ ولا أعلم من هذا الشيخ الذي أومأ إليه، أهو عبد القاهر الجرجاني الذي يقوم صدر الأفاضل في النص السابق بشرح كتابه الجمل في النحو، أم يريد شيخاً آخر غيره من علماء المشرق، فصدر الأفاضل ينافح عن فكرة تأبيد النفي بلن ويرد قول الشيخ المانع من تأبيد النفي بلن، ويجيز مجيء لن للتأبيد مع التقييد، ويجب ألا يغيب عن البال أن صدر الأفاضل أحد شرّاح المفصل
ونقل محقق التخمير عن حاشية كُتبتْ على إحدى نسخه الخطية ما يلي: ((جاء في هامش نسخة ب: (ح) ابن الدهان أبو الحسن عن الخليل في كتاب الأدوات أن لن كلمة تؤكد الجحد في المستقبل، فإذا قلت: لن أفعل فقد أكدت على نفسك أنك لا تفعله أبداً، وقال في تفسير لن إنه يخلِّص الفعل للمستقبل وينفيه، وذلك في قولك لن يذهب زيد أبداً إذا قال قائل: سيذهب زيد غداً)) (?)
من خلال النص السابق نلمح أن كلمة (أبداً) تكررت مرتين، الأولى منهما تُشْكِلُ؛ لأنها جاءت في سياق تفسير معنى لن من غير أن يكون المتكلم قد نصَّ على الأبد في كلامه، بخلاف كلمة (أبداً) الثانية إذ جاء ت منصوصاً عليها في المثال من المتكلِّم 0