فالطبرسي يؤكد أن لن حرف ينفي المستقبل على وجه التأبيد، والطَّبَرْسِيُّ شيعي إمامي، كان في زمن الزمخشري إذ ولد عام 462 هـ في طَبَرْستان، وتوفي عام 548هـ على الأرجح، والزمخشري كما سبق ولد عام 467 هـ، وتوفي عام 538هـ، وألف الطبرسيُّ كتابه هذا قبل أن يطلَّع على الكشاف؛ إذ فرغ من تأليفه عام 536 هـ وكتابه مجمع البيان مستمدٌّ من كتاب البيان لمحمد بن الحسن بن علي الطوسي، ثم لمَّا اطلع الطَّبَرْسِيُّ على كشاف الزمخشري أعجبه أيَّما إعجاب فصنَّف كتاباً آخر أسماه: جامع الجوامع ليكون جامعاً بين فوائد البيان للطوسي والكشاف للزمخشري
ولو قال قائل: إن هذه المسألة - أعني القول بتأبيد النفي بلن - كانت منتشرةً عند الشيعة الإمامية، وعند المعتزلة في عصر الزمخشري لم يكن مجانباً للصواب 0
ويقول الخاروني الشوكاني وهو أحد تلامذة الزمخشري: ((لن وهي للنفي على التأبيد، ولردّ قول من يقول: سيقوم زيد، وسوف يقوم زيد، نحو لن يقوم زيد)) (?)
فهذا الخاروني تلميذ الزمخشري ينصُّ علىأن لن تفيد تأبيد النفي، وليس بمستغرب أن يكون تلقَّفها من شيخه الزمخشري في دروسه التي كان يلقيها على تلامذته، ولا سيما أن فكرة تأبيد النفي بلن كانت معروفة عند أهل المشرق الإسلامي كما رأينا قبل قليل وكانوا على علم وبصيرة سابقة بها 0