ومن هنا فإن ما ذكره أبو الحسن عن الخليل في كتاب الأدوات مشكل أيضاً،إذ يجوز أن تكون هذه العبارة هي التي استقى منها القائلون بتأبيد النفي بلن مذهبهم وساروا عليه
ولا نعلم من أبو الحسن هذا؟ أهوأحد الأخافشة؟ أم هو الرماني؟ أم غيرهم، ثم يقال هل للخليل كتاب يقال له الأدوات؟ كلُّ ذلك لا نجد له إجابة الآن، وإنما نقول: إن القوم قبل الزمخشري كانوا على علمٍ ودراية بمقولة تأبيد النفي بلن 0
ويقول ابن يعيش: ((اعلم أن لن معناها النفي، وهي موضوعة لنفي المستقبل، وهي أبلغ في نفيه من لا؛ لأن لا تنفي يفعل إذا أريد به المستقبل، ولن تنفي فعلاً مستقبلاً قد دخل عليه السين أو سوف، وتقع جواباً لقول القائل سيقوم زيد، وسوف يقوم زيد، والسين وسوف تفيدان التنفيس في الزمان؛ فلذلك يقع نفيه على التأبيد وطول المدة نحو قوله تعالى (ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم ((?) ، وكذلك قول الشاعر:
ولن يراجع قلبي حبَّهم أبداً زَكِنْتُ من بغضهم مثل الذي زَكِنُوا (?)
فذكر الأبد بعد لن تأكيداً لما تعطيه لن من النفي الأبدي، ومنه قوله تعالى: (لن تراني ((?) ولم يلزم منه عدم الرؤية في الآخرة؛ لأن المراد:إنك لن تراني في الدنيا؛ لأن السؤال وقع في الدنيا، والنفي على حسب الإثبات)) (?)
ويقول السكاكي: ((ولن وهو لنفي سيفعل، وأنه لتأكيد النفي في الاستقبال، وقد أشير إلى أنه لنفي الأبد)) (?) ، فالسكاكي يقطع بالتأكيد، ويلّمح بالتأبيد؛ لأنه لم يعترض عليه، وكأنه يقول لامانع من أن يجتمع في لن التأكيد والتأبيد فيكون النفي أبداً مؤكداً0