وأيضاً روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كما رأيت: حديث سلمان وفيه: " ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان له كفارة ما بينه وبين الجمعة التي قبلها.. ". (188) وحديث أبي سعيد الخُدري وأبي هريرة وفيه: " وأنصتَ حتى إذا خرج الإمام كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها ". (189) وحديث عبد الله بن عمرو وفيه: " ولم يَلْغُ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما ". (190) وحديث أوس بن أوس وفيه: " فأنصتَ ولم يَلْغُ كان له مكان كل خطوة عمل سنة.. ". (191) وحديث سلمان الخير (الفارسي) وفيه: " ثم ينصتُ إذا تكلم الإمام غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ". (192)

ففي هذه الآثار أيضاً الأمر بالإنصات إذا تكلم الإمام، فذلك دليل أن موضع كلام الإمام ليس بموضع صلاة.

فهذا حكم هذا الباب. (193)

وقد رويت في ذلك آثار عن جماعة من المتقدمين؛ فالجلوس وعدم صلاة ركعتين (القول الثاني) : فِعل عبد الله بن صفوان، وشريح، وأبي قِلابة كما عرفت. (194) وقول: عقبة ابن عامر، (195) ومجاهد، (196) والزهري، كما رأيت. (197) وتقدم أثر: ابن عمر وابن عباس، وأثر ثعلبة بن أبي مالك، وأثر عقبة بن عامر. (198)

فقد روينا في هذه الآثار: أن خروج الإمام يقطع الصلاة، وأن عبد الله بن صفوان جاء وعبد الله ابن الزبير يخطب فجلس ولم يركع، فلم يُنكِر ذلك عليه عبد الله بن الزبير ولا من كان بحضرته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم. (199) ثم قد كان شريح يفعل ذلك، ورواه الشعبي، واحتج على من خالفه كما عرفت. (200) وشدَّ ذلك الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم مما تقدم كما بينت. (201)

ثم من النظر الصحيح ما قد وصفنا؛ (202) فلا ينبغي ترك ما قد ثبت بذلك إلى غيره. (203)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015