ولقد تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من قال لصاحبه ((أنصت)) والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغا (179) . وذلك كما عرفت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت ". (180) وفي رواية أنه سمعه يقول: " إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ". (181)

فإذا كان قول الرجل لصاحبه والإمام يخطب ((أنصت)) لغواً، كان قول الإمام للرجل ((قم فصل)) لغواً أيضا. ً (182) فثبت بذلك أن الوقت الذي كان فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر لسُليك بما أمره به، كان الحكم منه في ذلك، بخلاف الحكم في الوقت الذي جُعل مثل ذلك لغواً. (183)

وأيضاً روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك ما عرفت حديث أبي الدرداء وفيه: " … إذا سمعت إمامك يتكلم فانصت حتى ينصرف ". (184) . وحديث أبي هريرة وفيه: " مالك من صلاتك إلا ما لغوت " …" صدق أبيّ". (185)

فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنصات عند الخطبة، وجعل حكمها في ذلك كحكم الصلاة، وجعل الكلام فيها لغواً. (186) فثبت بذلك أن الصلاة فيها مكروهة، فإذا كان الناس منهِيِّين عن الكلام ما دام الإمام يخطب، كان كذلك الإمام منهياً عن الكلام ما دام يخطب بغير الخطبة. ألا ترى أن المأمُومين ممنوعون من الكلام في الصلاة؟ فكذلك الإمام، فكان ما مُنع منه غير الإمام فقد مُنع منه الإمام، فكذلك لما مُنع غير الإمام من الكلام في الخطبة كان الإمام منع بذلك أيضاً من الكلام في الخطبة بما هو من غيرها. (187)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015