ولهذا يبتلى غالب الناس بالقسم الثاني وقد تسمى: المنافسة (?) ، فيتنافس الاثنان في الأمر المحبوب المطلوب، كلاهما يطلب أن يأخذه، وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر، كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر، والتنافس ليس مذموماً مطلقاً، بل هو محمود في الخير. قال تعالى: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ((?) .
فأمر المنافس أن ينافس في هذا النعيم، لا ينافس في نعيم الدنيا الزائل، وهذا موافق لحديث النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم فإنه نهى عن الحسد إلاَّ فيمن أوتي العلم، فهو يعمل به ويعلمه، ومن أوتي المال، فهو ينفقه. فأما من أوتي علماً ولم يعمل به ولم يعلمه، أو أوتي مالاً ولم ينفقه في طاعة اللَّه فهذا لا يُحسد ولا يُتمنى مثل حاله، فإنه ليس في خير يرغب فيه، بل هو معرض للعذاب ... والنفوس لا تحسد من هو في تعب عظيم، فلهذا لم يذكره ...