والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه، فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه، فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة، وقد سماه النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي اللَّه عنهما أنه قال: " لا حَسَد إلاَّ في اثنتين: رجل آتاه اللَّه الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه اللَّه مالاً وسلطه على هلكته في الحق " هذا لفظ ابن مسعود (?) .

ولفظ ابن عمر " رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه اللَّه مالاً فهو ينفق منه في الحق آناء الليل والنهار " (?) .

فهذا الحسد الذي نهى عنه النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم إلاَّ في موضعين هو الذي سماه أولئك: الغبطة، وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه.

فإن قيل: إذاً لِمَ سُمي حسداً وإنما أحب أن ينعم اللَّه عليه؟ قيل: مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهته أن يتفضل عليه، ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك، فلما كان مبدأ ذلك كراهته أن يتفضل عليه الغير كان حسداً؛ لأنه كراهة تتبعها محبة، وأما من أحب أن ينعم اللَّه عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015