وقال شيخ الإسلام رحمه اللَّه: (ومن أمراض القلوب " الحسد " كما قال بعضهم في حده: إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الأغنياء، فلا يجوز أن يكون الفاضل حسوداً؛ لأن الفاضل يجري على ما هو الجميل، وقد قال طائفة من الناس إنه تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها، بخلاف الغبطة، فإنه تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط.

والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان:

أحدهما: كراهة للنعمة عليه مطلقاً، فهذا هو الحسد المذموم، وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه، فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه، وإن لم يحصل له نفع بزوالها، لكن نفعه زوال الألم الذي كان في نفسه، ولكن ذلك الألم لم يزل إلاَّ بمباشرة منه، وهو راحة فاسدة كالمريض الذي عُولج بما يسكّن وجعه والمرض باقٍ؛ فإن بُغضه لنعمة اللَّه على عبده مرض، فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها، وقد يحصل نظير تلك النعمة لنظير ذلك المحسود.

والحاسد ليس له غرض في شيء معين؛ لكن نفسه تكره ما أنعم به على غيره. ولهذا قال من قال: إنه تمني زوال النعمة، فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها بقلبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015