وقد بين ابن القيم رحمه اللَّه أن القلب يتغذى من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويقويه فقال: (فيتغذى القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويقويه، ويؤيده ويفرحه، ويسره وينشطه، ويثبت ملكه، كما يتغذى البدن بما ينميه ويقويه، وكل من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربى فينمو ويزيد، حتى يكمل ويصلح، فكما أن البدن محتاج إلى أن يزكو بالأغذية المصلحة له والحمية عما يضره، فلا ينمو إلاَّ بإعطائه ما ينفعه، ومنع ما يضره، فكذلك القلب لا يزكو ولا ينمو، ولا يتم صلاحه إلاَّ بذلك، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلاَّ من القرآن، وإن وصل إلى شيء منه من غيره فهو نزر يسير، لا يحصل له به تمام المقصود) (?) .
وبين رحمه اللَّه في موضع آخر أن القرآن هو الروح التي تحيا به القلوب فقال: (وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم متضمن للأمرين، فهو روح تحيا به القلوب، ونور تستضيء وتشرق به، كما قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ((?)
أي أومن كان كافراً ميت القلب، مغموراً في ظلمة الجهل: فهديناه لرشده، ووفقناه للإيمان، وجعلنا قلبه حيا بعد موته، مشرقاً مستنيراً بعد ظلمته ...