إلى أن قال: والمقصود: أن صلاح القلب وسعادته وفلاحه موقوف على هذين الأصلين. قال تعالى: (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ((?) فأخبر أن الانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن هو حي القلب، كما قال في موضع آخر: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ((?) (?) .
وقال ابن القيم رحمه اللَّه لما ذكر هذه الآية: (فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل، وهو القلب الحيّ، ووُجد الشرط، وهو الإصغاء، وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر - حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر....) (?) .
2 - من أسباب حياة القلب ترك الفواحش والمعاصي:
حياة القلب بدوام ذكر اللَّه، وترك الذنوب والمعاصي؛ لأن الذنوب أمراض القلوب وأدواؤها، ولا دواء إلاَّ تركها.
قال شيخ الإسلام رحمه اللَّه: (وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب، وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن، ومثل الدَّغل في الزرع، فإذا استفرغ البدن من الأخلاط الرديئة كاستخراج الدم الزائد تخلصت القوة الطبيعية واستراحت فينمو البدن، وكذلك القلب إذا تاب من الذنوب كان استفراغاً من تخليطاته، حيث خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فإذا تاب من الذنوب تخلصت قوة القلب وإراداته للأعمال الصالحة، واستراحَ القلبُ من تلك الحوادث الفاسدة التي كانت فيه) (?) .