قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ((?) ، فأخبر سبحانه وتعالى أن حياتنا إنما هي باستجابتنا لما يدعونا إليه اللَّه والرسول من العلم والإيمان، فعلم أن موت القلب وهلاكه بفقد ذلك (?) .
قال شيخ الإسلام: (وفيه من الحكمة والموعظة لحسنة بالترغيب والترهيب والقصص التي فيها عبرة ما يوجب صلاح القلب، فيرغب القلب فيما ينفعه ويرغب عما يضره، فيبقى القلب محباً للرشاد مبغضاً للغي، بعد أن كان مريداً للغي مبغضاً للرشاد.
فالقرآن مزيل للأمراض الموجبة للإرادات الفاسدة حتى يصلح القلب فتصلح إرادته، ويعود إلى فطرته التي فُطر عليها كما يعود البدن إلى الحال الطبيعي، ويغتذي القلب من الإيمان والقرآن بما يزكيه ويؤيده كما يغتذي البدن بما يُنَميّه ويقومه، فإن زكاة القلب مثل نماء البدن.
و" الزكاة في اللغة " النماء والزيادة في الصلاح. يقال: زكا الشيء إذا نما في الصلاح (?) ، فالقلبُ يحتاج أن يتربى فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح، كما يحتاج البدن أن يُرَبّى بالأغذية المصلحة له، ولابد مع ذلك من منع ما يضره، فلا ينمو البدن إلاَّ بإعطاء ما ينفعه ومنع ما يضره. كذلك القلب لا يزكو فينمو ويتم صلاحه إلاَّ بحصول ما ينفعه ودفع ما يضره، وكذلك الزرع لا يزكو إلاَّ بهذا) (?) .
وقال ابن القيم رحمه اللَّه: (فالقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي، والقلب المريض بضد ذلك. وانفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء) (?) .