والإنسان كل موحدٌ، أما الآلة فهي خليط مركب، ولهذا يمكن تبديد هذا الخليط وتعديله ويظل له نفس الخصائص، أما الإنسان فلا يمكن أن يُؤلف منه إنسانٌ آخر ( [171] ) .

ب - عيوب فكرية:

والإنسان لم يكن حيوانياً في مطالبه، كما صوّره فرويد، وماركس، ولا يمكن تفسير سلوكه تفسيراً حيوانياً كما فعلت السلوكية، التي طبقت سلوكيات الحيوان على الإنسان، وفسرت سلوكه بذلك المقتضى استناداً على نظرية “ الفعل المنعكس الشرطي ” عند بافلوف، وهي نظرية ثبت فشلها، فقد ذهب كوهلر في تجاربه الشهيرة على القردة والموز إلى نسبة القدرة والاستبصار للقردة، وهي قدرة مكنتها من إدراك الموقف الذي وضعت فيه من حيث هو كل منظم ( [172] ) .

ومما سبق يتضح أن علم النفس الغربي في مدرستي التحليل النفسي والسلوكية أنه علم يقوم على احتقار الإنسان، ومسخ مكانته، فهو كائن حيواني تسيّره غرائزه، كما تسيّر الحيوان غرائزه وشهواته، أو كما يحرك الآلة مفتاح التشغيل وفق قانون أوتوماتيكي مطرد.

وهذا التصور المبني على أسس فكرية خاصة، يمكن فهمه من خلال سياقه الذي نبت فيه ويمكن إيجاد مسوغات له في فكر جاهلي منحرف، رأى أن تعاليم الكنيسة تخدير للعقول وهيمنة “ للأكليروس ” على أفكار الناس وحرياتهم، فكل ما يمت إليها حقاً كان أو باطلاً لا تقوم الحياة به، ولا يتحقق الوجود الإنساني إلا على أنقاضه، فالإنسان سيد نفسه يعرف طريقه الذي يسلكه، ويملك قضاءه وقدره بيديه، ويدرك أن الحياة إنما هي أيام قليلة السعيد فيها من أشبع غرائزه، وعاش ساعته بكل ما فيها من لذة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015