إذا كان اللاشعور الشخصي هو محور نظرية “ فرويد ” في بناء الشخصية ونموها فإن اللاشعور الجمعي هو جوهرها عند “ يونج ” وهو عنده ((صور ابتدائية لا شعورية، أو رواسب نفسية لتجارب ابتدائية لا شعورية، لا تحصى، شارك فيها الأسلاف في عصور بدائية، وقد ورثت في أنسجة الدماغ، بطريقة ما، فهي - إذن - نماذج أساسية قديمة لتجربة إنسانية مركزية)) ( [128] ) .

لم يعد وعي الإنسان مقصوراً على علاقة الطفل بوالديه كما عند “ فرويد ”، فالوعي عند يونج إنما يتشكل في ظلال مخزون ثقافي موروث يمتد حتى تجربة الإنسان البدائي مع الكائنات والأشياء، وقوام هذا المخزون الذي يسميه “ يونج ” باللاشعور الجمعي “ الأنماط العُليا ” وهي تلك الأساطير والخرافات التي يحركها نداء اللاوعي ((فتبدو في أحلام الأفراد ورؤى الفنانين العرافين، كي تعيد التوازن النفسي للعصر)) ( [129] ) .

والأنماط العليا عند يونج لها مرتبتان:

1 - الأنماط العليا الشخصية، نمط الظل، والقِران المقدس والأنيما، وهذه تبرز في شكل شخصي فترى مباشرة. فالإنسان يلتقي أولاً مع ظله أو مع وجهه الذي يخفيه بواسطة الشخصية، ويلتقي بوالديه اللذين يشكلان له نمط القِران المقدس، ويواجه أحوال اللاشعور، وهي الأنيما أو النفس ( [130] ) .

2 - أنماط التحول، كنمط الأم، ونمط الطفل، ونمط البنت، فنمط الأم ((يحمل صورة الأم الطبيعية، والأم الأرض، والأم الروح، ونمط الطفل الذي يحمل صورة الطفل الإله أو الطفل البطل، ونمط البنت الذي يحمل صورة العذراء، والأنثى المجهولة، والأنثى الخرافية، والأنثى الأضحية)) ( [131] ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015