و“ إدلر ” يركز في تحليله للسلوك الإنساني على سنوات الطفولة الأولى لأنها هي الموجّه للسلوك في المستقبل، مقلّداً أستاذه “ فرويد ” ((لأن الأساليب التي يتخذها الطفل للتعويض عن شعوره بالنقص تقرر طبيعة الهدف الذي يوجه نشاطه خلال حياته كلها)) ( [124] ) .

وبحسب تفسير “ إدلر ” فإن النشاط الإنساني تعبير عن هذا الشعور، لكن الناس يختلفون في طبيعة النقص، وطريقة التعبير عنه وتعويضه وهو أمر لا يتم إلا على أنقاض الآخر من خلال ((قوة الإرادة، وفرضها على الجماعة، والتسلط على المجتمع، فكأن تحقيق الهدف يأتي عن سبيل الكفاح، والاقتحام لا على سبيل الألفة، والتعاون مع المجتمع، والفرد إذ يبلغ النجاح في مساعيه، فإن نجاحه يعني الحيلولة بين الآخرين وبين تحقيق أهدافهم)) ( [125] ) .

وهذا هو الصراع الذي تنطلق منه المادية الجدلية عند لينين، والمادية التاريخية عند ماركس وهو صراع على مطالب الإنسان في هذه الحياة كما حددها ماركس ((الغذاء والكساء والإشباع الجنسي)) ( [126] ) . فحضارات الأمم، وتعاقبها، وصدامها إنما يكون حول هذه المطالب الثلاثة. وهذه المطالب الأرضية تنبثق من تصور دارون للإنسان، في أنه حيوان بوهيمي، دنيوي الآمال، فلا غرابة أن يولي هذا الحيوان غرائزه هذه العناية، كما عند فرويد، ويصبح كل توجيه لها كبتاً وقمعاً، يورث العقد، ويُشعر بالنقص يقول الفيلسوف الإنجليزي جود: ((بينما يذهب فرويد إلى الكشف عن جانب الوحش في الإنسان، فإن إدلر يذهب إلى الكشف عن جانب الشيطان المتمرد فيه)) ( [127] ) .

3 - يونج:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015