والمبدع عند فرويد يشبه العصابي، فهو كثير الانطواء، على صدام دائم مع واقعه، الذي لا يسمح له بإظهار دوافعه الغريزية ((فيلجأ لإشباعها إلى عالم الوهم حيث يجد بديلاً عن الإرضاء المباشر لرغباته، ويستعين للوصول إلى تحول مطالبه اللاواقعية إلى غايات قابلة للتحقيق من الوجهة الروحية على الأقل بما يسميه فرويد بالقدرة على التسامي، وتعتبر هذه إحدى آليات الدفاع التي تعفيه من القصاص أو المرض لكنها تجعله رهين عالم وهمي حيث لن يطول الأمد به حتى يصبح مريضاً بالعصاب)) ( [121] ) .

وبهذا يختصر الإنسان بجميع مناشطه وتطلعاته وأحلامه في هذه الغريزة، ويطمس جماليات العمل الفني، ويشوه غاياته.

2 - إدلر:

إذا كان “ الجنس ” هو أم الغرائز عند فرويد، وهو الموجه للسلوك الإنساني، وكل نشاط يمكن تفسيره بهذه القوة الدافعة. فإن “ الشعور بالنقص ” هو قوة الدفع الأولى للسلوك عند “ إدلر ” يقول في كتابه “ فهم الطبيعة البشرية ”: ((إن كل طفل وهو يقف بمفرده أعزل عن معونة الآخرين لا يلبث أن يشعر إن عاجلاً، أو آجلاً بعجزه عن معالجة شؤون العالم الواقعي. وهذا الشعور بالعجز هو القوة الدافعة ونقطة الارتكاز الأولى التي يبدأ منها جهاد الإنسان، وهو يقرر الهدف الأقصى لوجوده)) ( [122] ) .

فالطفل حين يولد، يكون بحاجة إلى نوع من الرعاية والاهتمام، وهي رعاية سرعان ما تستحيل في نظر الطفل إلى نوع من التسلط على نفسيته؛ لأنها تشعره بعجزه، الأمر الذي يولِّد لديه شعوراً بالنقص، مما يفضي به إلى أن يبني لنفسه عالماً من الخيال يكون فيه سيداً مطاعاً، ويسعى إلى تقديم نفسه للآخرين على أنه مركز القوة، وسيد القرار ( [123] ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015