وبقيام سلطنات إسلامية فى سودان وادي النيل منذ أوائل القرن السادس عشر الميلادي كان طبيعياً أن يصحبها محاولات من حكام تلك السلطنات وعلى رأسهم سلاطين دولة " الفونج " لتوطيد وتوثيق علاقاتهم مع دول العالم الإسلامي وخاصة " الحجاز " باعتباره مهبط الوحي ومنبع الدعوة والحرمين، وخاصة فى النواحي الدينية والثقافية لتبدأ حركة علمية تقوم بشرح تفاصيل الدعوة الإسلامية ومبادئها للناس لنهيهم عما يتعارض من عاداتهم ومعتقداتهم مع الإسلام والعقيدة الصحيحة، وتميز توطيد وتوثيق الصلات الثقافية بين المنطقتين برحيل علماء السودان للحج والمجاورة والعلم والتجارة ثم العودة لنشر الثقافة الإسلامية بين السودانيين من خلال تأسيس الخلاوي والمساجد والمدارس الدينية، بالإضافة إلى بعض الشيوخ الذين حضروا من الحجاز إلى السودان لنشر مبادئ الشريعة الإسلامية،وكان لهذا أثره المباشر فى انتقال الثقافة الإسلامية التي تميز بها الحجاز فى هذا العصر، وانتشار الإسلام في المجتمع السوداني.
وقد كان معظم العلماء الذين أرسو قواعد الشريعة الإسلامية فى السودان (طوال حكم الفونج) من العلماء الذين لهم نزعة إسلامية وغلبت عليهم جميعاً الروح السنية، مما جعلهم قريبين من الإسلام الصحيح بانتهاجهم الشريعة الإسلامية القائمة على الالتزام بالكتاب والسنة وأقوال وأفعال السلف الصالح.