ورغم أن فترة حكم الخليفة عبد الله شهدت تداخلاً واضحاً فى شئون القضاء، إلا أن مصادر أحكام المهدية ( [105] ) كانت قائمة على الشرع وتستند إلى الكتاب والسنة، واجتهادات المهدي، فنفذت الحدود الشرعية، فرجمت الزاني والزانية، وجلدت شارب الخمر، وقطعت يد السارق ( [106] ) .
وفى النهاية يمكن القول أن أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية فى دعوة المهدي الإسلامية والتي لاحظنا أن المهدي التزم فيها تماما بالعودة إلى " مجتمع " السلف ونظمه وتشريعاته ظهر واضحاً، وظهر المهدي بما أقدم عليه من نظام إسلامي للحكم متأسياً بما نفذته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى قلب شبه الجزيرة العربية.
الخاتمة:
أهم النتائج التي توصل إليها الباحث:
أن الصلات والعلاقات بين شبه الجزيرة العرب وسودان وادي النيل عميقة الجذور موغلة فى القدم فبعيداً عن النظريات التي تقول بغياب الحاجز المائي (البحر الأحمر) وبوحدة أصل سكان المنطقتين منذ فجر التاريخ واعتبارهم منطقة واحدة، فقد تأثرت أجزاء كبيرة من سودان وادي النيل عبر عصور التاريخ وقبل إعلان الإسلام بما يحدث بشبه جزيرة العرب بحكم الجوار وسهولة الاتصال، وبفضل الانتقال والاستقرار السلمي للعرب الذين انتقلوا بعقائدهم ثقافتهم إليها، وأصبحت تلك المناطق شبه عربية قبل ظهور الإسلام فى جزيرة العرب.
ثم ازدادت وتطورت الصلات والعلاقات بينهما بفضل قوة الدعوة الإسلامية التي نهضت فى جزيرة العرب منذ القرن السابع الميلادي ونفذت إلى سودان وادي النيل عبر عدة قرون من خلال انتقال كثير من القبائل العربية وبطونها واستيطانها مناطق واسعة من السودان، بالإضافة إلى محاولات القوى الإسلامية المستمرة لمد نفوذها وسيطرتها على تلك المناطق، وتمثل ذلك فى نشر العقيدة الإسلامية وما صاحبها ونتج عنها من أفكار سلفية وجعل تلك المناطق متأثرة دائماً بما يحدث فى شبه جزيرة العرب.