ولعل من أبرز وأهم ما يمكن أن يُعد به القدوة لكي تتحقق الثمرة من الاقتداء به أن يُهتم بثلاث أساسيات في ذلك، هي ركائز لا يكون القائد قدوة صالحة دون وجودها في ثقافته وتربيته وهذه الركائز هي العقيدة، الأخلاق، والعلم.
فأما العقيدة ودورها في تكوين القدوة فهو دور أساسي يفوق في أهميته وضرورته. وأثره في حياة المسلم بصفة عامة، والقدوة بصفة خاصة، كل المؤثرات والأسباب الأخرى. وقائد ليس له عقيدة لا يكون محل اقتداء (بل هي قضية مصيرية تمّيز بين القائد الحق المؤمن وبين القائد المزيف) (34) فالعقيدة الراسخة ضرورة لكل قائد وليس بقائد حقاً من لا يتحلى بعقيدة راسخة تجعله موضع ثقة رؤسائه ومرؤسيه على حد سواء إذ أن تبادل الثقة بين القائد ورجاله تجعلهم يسيرون وراءه للموت، وهم قطعاً لا يسيرون إلى الموت وراء قائد لا يثقون به. والعقيدة هي التي تشكل في القائد الشخصية المتميزة التي تعرف هدفها وتعمل على تحقيقه. وأما إعداد القدوة خُلقياً فإننا نعني بذلك الإعداد الخلقي للقدوة بأن يكون مع الناس جيَّاش العواطف كبير القلب ينبسط للخير ويفرح به للآخرين ويحرص عليه، وينقبض عن الشر ويضيق به، ويفر منه وهذا هو جوهر الإيمان (35) .
ولو تتبعنا اهتمام الإسلام بأمر الأخلاق التي اعتبرناها ركيزة أساسية في إعداد القدوة لعرفنا مدى أهمية إعداد القدوة خُلُقياً وتزويده بالأخلاق الإسلامية، ثم لوجدنا أن مبعث الأخلاق يستند إلى نص إلهي يحقق للإنسان نمواً اجتماعياً وحضارياً، والأخلاق الإسلامية ليست في جانب دون آخر بل هي شاملة لكل الجوانب التي تمس معاملات وآداب المسلم (فالأخلاق الإسلامية تدفع بطبيعتها إلى التكامل في البناء الاجتماعي الذي يقوم بتوطيد العلاقات الإنسانية بين الناس على أسس الإيمان والإخلاص.