هذه إذن نقاط بارزة يجب أن تظهر في شخصية القدوة الذي يجب على الأمة أن تعد أبناءها الذين سيصبحون في يوم ما قادة لأمتهم يحملون رسالتها ويدعون إلى مبادئها، ولن يكونوا على مستوى هذه المهمة، إلا إذا تم لهم ذلك الإعداد الذي يتطلبه إعداد القدوة، وهذا الإعداد يتطلب أن ندرك أن الإنسان الذي يمثل هذا الدور (دور القدوة) يولد ومعه بعض الصفات الموروثة التي يمكن استغلالها وصقلها، ومن هذه الصفات الذكاء، والفطرة المستقيمة (كل مولود يولد على الفطرة … الحديث) . أما الصفات المكتسبة من البيئة التي يعيش فيها الشاب كالتقاليد واللغة والروح الجماعية والانعزالية وغيرها فيمكن استغلالها وتوجيهها في نفس هذا الشاب على نحو ما تدعو إليه عقيدته ويسير في مرضات ربه. ولو فتشنا من حولنا كيف يتم إعداد الفرد الذي يراد له أن يمثل فكرة مذهبية، أو سياسية كما هو الحال مثلاً في مدارس ما يسمى بالتبشير (التنصير) لرأينا العجب، في ضخامة الجهود التي تبذل والوسائل والأساليب التي تتخذ لكي تعد هذا الشخص للقيام بأعباء هذه المهمة التي سيتولاها في التنصير، فهم مثلاً يقومون باختيار طلاب هذه المدارس بواسطة شروط معينة ثم يقومون بعد ذلك بعزله عن مجتمعه تماماً لكي يتكون تكويناً خاصاً في بيئة أعدت له خصيصاً، ثم بعد ذلك تخرجه إلى الناس وقد انغرست فيه هذه المبادئ وأصبح ينشرها ويدافع عنها كأقوى وأخلص ما يكون.

فما أحرى القائد وقد بلغ من العقل والوعي والإدراك لأَبعاد ما هو فيه من مسئولية، أن يعد نفسه الإعداد المناسب لكي يتولى مهمة الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين مرؤسيه على أكمل وأحسن ما يمكن، وأنه إذ يقوم بإعداد نفسه إعداداً يتناسب وعظم المسئولية المنوطة به، يجب أن يدرك أن ذلك لا يتأتى له إلا إذا فقه دينه، وعلم بمقاصده حتى تكون دعوته واضحة والاقتداء به مأمون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015