والأخلاق الإسلامية وإن اتفقت مع بعض الأخلاق غير الإسلامية في المسمى إلا أنها تختلف عنها من حيث المصدر والتحلي والتطبيق. فالإسلام في باب الأخلاق يُوصل الأخلاق الأساسية الإنسانية ويوطد أركانها في جانب، ويوسع في تطبيقها بحيث تشمل مظاهر الحياة الإنسانية كلها في جانب آخر، وخذ لذلك مثالاً للصبر، فمهما بلغ الرجل الغاية في الصبر واستولى على الأمر في حلبته، فلابد أن يقف تحمله وينفذ ثباته عند حد معلوم إذا كان لأغراض عاجلة ويستمد قوته ويتغذى من الجذور الفكرية للشرك والعبودية المادية.
أما الصبر الذي يستجلب قوته من جذور التوحيد والذي لا يبتغي من ورائه إلا وجه الله تعالى فهو كنز مكنون لا تصل إليه يد السارق (36) .
والإسلام يُظهر ويُبرز قيمة الفضائل الخلقية التي ينبغي أن يتحلى بها كل مسلم سيما الإنسان الذي نتكلم عنه هنا وهو القائد (القدوة) .
ويمكن تلخيص وجهة نظر الإسلام في شأن تربية الإنسان المسلم وإعداده خلقياً في النقاط التالية التي وردت في كتاب سيد سابق (دعوة الإسلام)
ومنها:
(1) أن الإنسان خلق مزوداً بقوى واستعدادات يمكن أن توجه إلى الخير كما يمكن أن توجه إلى الشر، مع التفاوت في ذلك لأن الناس كما قال عليه الصلاة والسلام (معادن كمعادن الذهب والفضة) (37) .
(2) أن كل إنسان مسئول عن تهذيب نفسه وإصلاحها، يقول الله عز وجل (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) (38) .
(3) أن تزكية النفس وإصلاحها هو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة وإهمالها هو سبيل الخسران (والعصر إن الإنسان لفي خسر … الآية) .