مر بنا أحد المعاني في التعريفات بما يفيد أن القدوة هي الأسوة ومع ذلك فإن المتتبع يجد أن كلا اللفظتين وإن ظهر بينهما توافق في المعنى في بعض الجوانب إلا أن هذا التوافق ليس على إطلاقه فلا تزال بين اللفظتين فروقاً يمكن حصرها في أن:
(1) التأسي أشد في بابه من الاقتداء.
(2) التأسي يجعل معنى الالتزام من الغير بشكل أقوى ولذلك فإنها جاءت مع النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره أفضل الأنبياء والمرسلين (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة … الآية) (6) .
أما القدوة فقد جاءت مع غيره من الأنبياء والصالحين من الصحابة وغيرهم (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (7) يعني بالأنبياء والرسل السابقين لمحمد صلى الله عليه وسلم جميعاً، وكذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) (8) .
الأساس النفسي في عملية الاقتداء:
إن فكرة وجود القدوة تقوم على أساس منطوقة تأثير الطباع في الطباع. (وحاجة الناس إلى القدوة النابعة من غريزة تكمن في نفوس البشر أجمع هي التقليد، وهي رغبة ملحة تدفع الطفل والضعيف والمرؤوس إلى محاكاة سلوك الرجل، والقوي، والرئيس، كما تدفع غريزة الانقياد في القطيع جميع أفراده اتباع قائده واقتفاء أثره) (9) . وعلى هذا الأساس يتضح لنا أن عملية الاقتداء ليست حالة طارئة قد تحصل وقد لا تحصل ولكنها كما تقدم غريزة مغروسة في نفس كل إنسان تظهر متى وجد واحد من عناصرها الثلاثة وهي:
(1) الرغبة في المحاكاة والاقتداء: