ومن خلال ما جاء في كتب اللغة وبعض كتب التفسير عن القدوة يتضح لنا أن القدوة لا تتحقق بصفة واحدة، ولكن يلمح ابن منظور في لسان العرب إلى شمول القدوة للصفات كلها، فلا يتحلى بخلة دون خله ومن هنا وجب على القائد المسلم الذي نريده أن يكون قدوة صالحة أن يتمثل شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ويطبق كل ما أثر عنه في سلوكه وأخلاقه ويتأسى به في كل أفعاله.
كذلك اتضح لنا من التعريفات ضرورة أن تكون الخلال التي يتخلق بها أصلية لا مصطنعة، وكلما كانت الصفات والخلال الحسنة فطرية ومترسخة في الإنسان كان تأثيرها في الغير أكبر، وكان داعي التخلق بها والاقتداء والمحاكاة منهم أشد.
وإذا قلنا إن الصفات يجب أن تكون خلقية فطرية أو مغروسة بالتمرن والتخلق وطيبة تجذب الآخرين وتدعوهم للمحاكاة فإنه ينبغي أن يكون القدوة أيضاً قدر الإمكان حسن الهيئة غير ذميمها حتى تنجذب إليه الأعين وأن يكون لين الجانب غير فظ، يقول الحق تبارك وتعالى في شأن قدوة كل قدوة محمد صلى الله عليه وسلم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك. فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) (5) .
وأجمل ما تكون الخلال التي يتخلق بها القدوة إذا كانت مستوية مستقيمة على دينه وخاضعة له أو نابعة منه. ثم إن من الأفضل أن يكون القدوة ذا طريقة واضحة حتى يسهل الاقتداء به على ضوئها دون غموض.
والاقتداء فيه معنى التشبه فأنت إذا اقتديت بشخص ما قلدته فإذا حصل تقليده حصل التشبه به. ومن الناحية الشكلية فإن لفظة القدوة تذكر باعتبار صاحبها وتؤنث باعتبار اللفظ فللذكر والأنثى تطلق كلمة (قدوة) لا فرق.
هل القدوة هي الأسوة؟