إن لجؤ الشاعر إلى هذه السمة اللغوية أو إلى هذا الأسلوب يجعلنا نتساءل عن سبب ذلك الاختبار الأسلوبي، ولكن إذا أنعمنا النظر في القصائد التي وقعت ضمن دائرة تكرار البداية سواء أكانت بأسلوب النداء أو الاستفهام أو غير ذلك وجدنا الشاعر يجسّد عبر هذه الشرائح حالاته النفسية ومشاعره الخاصة وهمومه وآلامه التي يعانيها فهي تتوزع ضمن محور الغربة والاغتراب الفكري والروحي التي تمثلت في قصيدته التي أشرنا إليها سابقاً (يا شعر) أو ضمن آلامه الخاصة وأوجاعه الذاتية سواء أكانت جسدية أو نفسية، وتتمثل في بعض قصائده التي بدأت بأسلوب نداء أو استفهام أما المحور الثالث فهو الصدمة الاجتماعية التي واجهته في أبناء شعبه لما فيهم من جهل وتخلف وفساد فيجعل من نفسه مصلحاً مثالياً في تأسيس مجتمع تسوده المحبة والأمان والعدل والمساواة. لذلك نراه مثلاً عندما يود الحديث عن معاناته الذاتية جسدية أو غير جسدية يجسّد ذلك عبر أسلوب النداء والاستفهام ليعلن الرفض والخضوع والاستسلام لهذا الداء أو الوجع، فهو دائم البحث عن مخرج من هذا المأزق يقول:
يا قلب كم فيك من دنيا محجبة
يا قلب كم فيك من كون قد اتقدت
يا قلب كم فيك من أفق تنمقه
يا قلب كم فيك من قبر قد انطفأت
يا قلب كم فيك من غاب ومن جبل
يا قلب كم فيك من كهف قد انبجست
كأنها حين يبدو فجرها إرم
فيه الشموس وعاشت فوقه الأمم
كواكب تتجلى ثم تنعدم
فيه الحياة وضجت تحته الرحم
تدوي به الريح أو تسمو به القمم
منه الجداول تجري ما لها لجم (1)