وتتجلى الرتابة في تكرار اللازمة عند الشابي في قصيدته (الصباح الجديد) فيوسّع من حدودها الزمانية والمكانية فتقع في ثلاثة أبيات، ثم تتكرر بشكل منتظم دقيق بعد كل ثمانية أبيات، وكأنه بذلك يبحث عن صباح جديد منظم صباح يخلو من الألم والحزن يقول:

اسكني يا جراح

مات عهد النواح

وأطلّ الصباح

واسكتي يا شجون

وزمان الجنون

من وراء القرون (1)

فتمثل هذه اللازمة لحظة الانطلاقة الفعلية والتحرر المطلق من تبعات الماضي وجراحه، للسعي نحو مجتمع مثالي يجد فيه ذاته وحلمه، بصبر وحزم وقد جسّد ذلك في أفعال الأمر (اسكني) الذي يوحي بالشدة والحزم فقد مات عهد النواح وأطل الصباح من وراء القرون، فيطمئن نفسه وأساريره بهذا الحلم الجميل الذي يراوده، لذلك نرى حتمية هذا السكوت والسكون ومستوياته قد تمثلت في الأبيات التي جاءت بعد هذه اللازمة الأولى فهو قد دفن الألم، وأذاب الأسى، ساعياً نحو صباح جديد وفجر جديد يعطيه الحياة والأمل، لأن هذا السعي المستمر الدؤوب جعله مشدوداً لا يتحرك إلا في دائرة الفعل (اسكتي) وكذلك عمل على ربطه بقافية رباعية تنتهي بالنون (الزمان، الحنان) :

اتغنى عليه برحاب الزمان

والهوى والشباب والمنى والحنان

كما سعى إلى ربط الرباعيتين الثالثة والرابعة باللازمة الأساسية ثم عمل على ربطهما بقافية موحدة هي العين (الشموع، وربيع) يقول:

اسكني يا جراح

مات عهد النواح

وأطلّ الصباح

واسكتي يا شجون

وزمان الجنون

من وراء القرون (2)

ثم يربط بين هذه الرباعية والرباعيتين التي جاءت بعدها بحرف العين فكانت الأولى:

وحرقت البخور وأضأت الشموع

ثم:

سوف يأتي ربيع إن تقضى ربيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015