قد كان ذلك في شعاع البدر من قبل الأفول

واليوم إذ زالت ظلال الأمس عن زهري البديع (1) .

ثم يستمر في تجسيد ذاته في كل حرف وكلمة إلى أن بدأ الماضي يتلاشى (فذبلت مراشفه فأصبح ذاوياً نضو الكلوم وهوى لأن الليل اسمعه أناشيد الوجوم) فيعود مرة أخرى إلى اللازمة ويكررها كما هي بعد أن بان ليله، لأن الليل عند الرومانسيين يوحي بالانطلاق والتحرر فهو مليء بالأسرار وهو معبر إلى اللا نهاية المظلمة مثل مستقبل الشاعر المظلم لذلك فإن المعاني الشعرية التي طرحها بعد اللازمة الثانية جاءت تجسّد لحظة المستقبل وما آلت إليه حالة من جفاف الدموع، والغيوم الحزينة التي تغطي سماءه، حيث المرارة والآسى والكآبة، كما أنه عمل على اختيار صيغ نحوية تدور في فلك المستقبل فجاءت الأفعال مضارعة (تهتز، فتسير، يسيل، ينحن، يهرقن، فتدفقت) رابطاً ذلك بعالم الطبيعة الذي كان يمثل عنده مصدراً للحقائق الوجودية والإنسانية.

لقد حاول الشاعر أن يجعل من تكرار اللازمة نمطاً أسلوبياً ثابتاً مع اختلاف في بنائها اللغوي، فيجعلها أول القصيدة التي تشكل فاتحة لصرخته وآهاته ثم يكررها داخل النص مرتين أو ثلاثة بشيء من التساوي تقريباً في إعداد الأبيات بين كل لازمة إلا أنه يجسّد في كل بيت يأتي بعد اللازمة معاني وصور هذه اللازمة ليشكل منها بؤرة مركزية ويجعلها مصدراً لتوتره بل إنه أحياناً يجعل من عنوان بعض القصائد – كما ذكرنا سابقاً – مادة لتكرار اللازمة كما هو الحال في قصيدته (ياموت) فجاءت اللازمة في هذه القصيدة ضمن هذا التوجيه الأسلوبي يقول:

يا موت! قد مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015