فجاءت اللازمة (كان في قلبي فجر ونجوم) قوية لها صداها منذ بداية تكرارها في كل سطر شعري جسد فيها ماضيه المشرق الجميل الذي فقده لعظم المصائب التي لحقت به، حيث كانت حياته صافية، وربيع حياته حلو جميل، لذلك نراه يؤكد على هذه اللحظات الحلوة التي مرت سريعاً عبر هذه الأساليب التكرارية المتلاحقة حيث وقعت في مسافات التوتر المختلفة بين اللازمة الأولى وكل من الثانية والثالثة، لأن اللازمة الأولى كانت أكثر قدرة على تجسيد الماضي بكل أحداثه وإشراقاته بينما الثانية والثالثة جاءت تؤكد وتردد ما آلت إليه حال الشاعر لينطلق بعد ذلك باحثاً عن صباح مشرق جميل فنراه في النص نفسه يلجأ إلى لازمة أخرى تجسّد ثورة الانطلاق والانعتاق من الماضي المظلم الذي تعيشه أمته وبني جنسه للبحث عن فجر وصفه بالبعيد متخذاً الطريقة نفسها التي كررها في المقطع الأول فيقول:
قد تقضي العمر والفجر بعيد
وانقضت أنشودة الفصل السعيد
أين غابي؟ أين محراب السجود؟
كيف طارت نشوة العيش الحميد؟
يا بني أمي ترى أين الصباح؟
وطغى الوادي بمشبوب النواح
أين نايي؟ هل ترامته الرياح
خبروا قلبي فما أقسى الجراح
يا بني أمي ترى أين الصباح؟
أوراء البحر! أم خلف الوجود
يا بني أمي ترى أين الصباح؟ (1)
فجسد من خلال هذه اللازمة الحلم الجميل الذي لازال يفكر به ويراوده في كل لحظات حياته، عبر عالم الطبيعة الذي اتخذه محراباً له يجد فيه نشوته وذاته لكثرة أسرارها وجمالها، كما يرى فيها الأنيس والرفيق الذي يشعر معه ويحس بآلامه وهمومه.