18- أَصْلُ مَهْ
مَهْ اسْمٌ لفعلِ الأَمْرِ (انكَفِفْ) ، وهو ثُنائيُّ الوَضْعِ (1) .
وقد يُظَنُّ أنّ أَصْلَه (مهلاً) ؛ لقُرْبِ المعنى؛ لذا أَبْطَلَ الزِّياديُّ ذلك قائلاً: "الدَّليلُ على أنَّ (مَهْ) ليس من قولك: مَهْلاً؛ أنه ليس في الدُّنيا اسمٌ انْصَرَفَ وهو تامٌّ، وامْتَنَعَ من الصَّرفِ وهو ناقصٌ (2) ".
وقد ردَّ المازنيُّ هذا الاستدلالَ محتجّاً بأنَّ (قَطْ) المخفَّفةَ بُنيتْ ناقصةً، وأُعربت تامَّةً؛ إذْ هي كما ذكر سيبويه مخفَّفةٌ من: قَطَطْتُه قطّاً (3) .
وقوّى الفارسيُّ اعتراضَ المازنيِّ ببنائهم (بَخْ) مخفَّفاً، وإعرابهم إيّاه مثقَّلاً (4) ، كقول العجّاج:
في حَسَبٍ بَخٍّ وعزٍّ أَقْعَسا (5)
فاستدلالُ الزِّياديِّ رحمه الله مبنيٌّ على استقراءٍ ناقصٍ.
19- زَفَفْتُ وأَزْفَفْتُ بمعنى واحدٍ
تقول العرب: زَفَفْتُ العروسَ، أي: أَهْديتها. هذا كلام جُمهورهم (6) .
ونقلَ الزياديُّ عن بعضهم: أَزْفَفْتُ العروسَ، بمعنى: زَفَفْتُ. قال المبرد: "وحدثني أبو عثمانَ المازنيُّ قال: حدَّثني الزيادي قال: سمعت قوماً من العرب يقولون: أزففت العروسَ، وهي لغة" (7) .
ولا يمكن الجزم بأنَّ الزِّياديَّ أولُ ناقلٍ لهذه اللغةِ؛ لأنّ أبا عبيد القاسمَ بن سلام (ت224هـ) ذكرها (8) ، وهو معاصرٌ للزياديِّ.
وقد تناقل هذه اللُّغةَ بعدهما كثيرٌ من علماء اللُّغة والنَّحو، ولم ينكروها، ومنهم: ابنُ قتيبة (9) ، والزَّجاجُ (10) ، وابن القوطية (11) ، والسَّرَقُسْطي (12) ، وابنُ سيده (13) ، وابنُ القَطّاع (14) ، والجواليقي (15) .
20- استعمالُ فعيل وفعول لغير المفرد
ذكر سيبويه أنَّ الاستغناء عن الخبر قد جاء في الشِّعر (16) ، وأنشد أبياتاً منها قولُ ضابئ البُرْجُميِّ:
فَمَنْ يكُ أمْسَى في المدينةِ رَحْلُه
فإنيِّ وقيّاراً بها لغَريبُ (17)
وقولُ ابن أحمر:
رماني بأَمْرٍ كُنْتُ منه ووالدي