وهذا قول الأخفشِ (1) ، والفراء (2) ، والزِّياديِّ (3) .

واختلف الأخفشُ والفراء في مفردها، فذهب الأخفشُ إلى أنَّه: شَيْءٌ، غير محذوف (4) ، وذهب الفراءُ إلى أنَّه: شَيْءٌ، المحذوف من: شيِّئ، مثل: هيِّنٍ، وهيْنٍ، فجمعوه على: أفعلاء، كما جمعوا (هيِّناً) على: أَهْوناء (5) .

ولم يُنقلْ عن الزِّياديِّ رأيُه في المفرد.

وفيما يأتي عرضٌ لما نُقدت به هذه الآراء؛ ليتبيَّن أرجحُها، ومرجِّحاتُه:

أولاً: رأيُ الخليل وسيبويه:

نقل ابنُ جني عن الفراءِ أنه أنكر قولَ الخليل وسيبويه، وقال: "إنَّ فيه حَمْلاً على الكلمة إذا جعلها: لَفْعاء؛ لما دخلها من القلب؛ ولأنهم جمعوه جَمْعَ ما واحده محرَّكُ العينِ مؤنثٌ بالهاء نحو: طَرَفة وطَرْفاء، وقَصَبة وقَصْباء" (6) .

وهذا الإنكارُ لا يلزمُ الخليل وسيبويه؛ لأنَّ (أشياء) عندهما اسمُ جمعٍ، وليس جمعاً (7) .

أما القلبُ فغير مستنكرٍ؛ لوروده في كلامِ العربِ (8) .

ثانياً: رأي الكسائي:

ألزم الفراء وغيره الكسائيَّ ألا يصرفَ: أسماء، وأبناء؛ لأنها تُجمع على: أَسْماوات، وأَبْناوات (9) .

وضعّفَ الرضيُّ مذهبَ الكسائيِّ بقولهم: أَشايا، وأشاوى، في جمعِ: أَشْياء؛ لأنَّ (أفعالاً) لا يُجمع على: فَعالى (10) .

ثالثاً: رأيُ الأخفشِ والفراءِ والزِّياديِّ:

اعتُرض رأيُهم بما يلي:

أأنَّ تصغير (أشياء) : أُشَيَّاء، فلو كانت على (أَفعلاء) لصغِّر واحدها ثم جمع، فقيل: شُيَيْئات؛ لأن (أفعلاء) جمع كثرة. وهذا الاعتراضُ للمازنيِّ (11) .

ب أنَّ (فَعْلاً) و (فَيْعلاً) لا يُجمعان على: أَفْعِلاء، إلا نادراً (12) .

ج أنَّ العربَ تجمع (أشياء) على: أَشاوى، وهذا الجمع لا يكون لأَفْعِلاء (13) .

د ردَّ ابنُ جنِّي مذهبَ الفَّراء في مفرد (أشياء) بأنَّ العربَ لم تستعمل: شيِّئاً، فلو كان الأصلَ لنطقوا به، كما قالوا: هيْن، وهيِّن (14) .

وبعدُ ثَبَتَ أنَّ مذهبَ الخليل وسيبويه لا دَخَلَ فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015