فأما الرواية فاختلف موقفهم منها:

فأبو زيد فيما روى عنه الزيادي والجرميّ (1) حكم على من نُقلت عنه بعدم الفصاحة.

وذكر المبرد أنَّ "مما يُبطل هذا القول أنَّ الرواية عن العرب الفصحاء خلافُه. فرواية برواية، والقياس حاكم بعدُ أنَّه لا يُضاف ما فيه الألف واللام من غير الأسماء المشتقَّة من الأفعال" (2) .

ولا يلزم الوجهُ الأول الكوفيين؛ لأنهم يجيزون: ثلاثة الأثواب (3) .

وحكم عليها ابن مالك بالشُّذوذ، فلا يقاس عليها (4) .

وأما القياس على: الحسن الوجهِ؛ فدفعه جماعةٌ، وفرقوا بين الإضافتين (5) ؛ لأن إضافة العدد معنوية تفيد التعريف، وإضافة الصفة المشبهة لفظية ترفع القبح.

وخلاصة القول أنَّ الخلاف في المسألة أثرٌ من آثار الخلاف بين الفريقين في مستوى الاحتجاج.

الفَصلُ الثّالثُ: آراؤه التَّصريفيَّةُ

17- وزن أشياء

اختلف النَّحويون في وزن (أشياءَ) على ثلاثةِ أقوال:

الأول: أنَّها على وزن: لَفْعاء، وأصْلُها: شيئاء، على: فَعْلاء، ثم قُلبت، فجعلت الهمزةُ التي هي لامٌ أولاً، وهذا قولُ الخليل، وسيبويه، والمازنيِّ، والمبرّدِ، والزَّجاج، والنَّحاس، وابن جنِّي، وجمهور البصريين (6) .

وهي على قولهم اسمُ جمعٍ، مثل: القَصْباء، والطَّرفاء (7) .

والثاني: أنَّ وزنها (أَفْعال) ، جمع: شَيْءٍ، ولم تُصرف؛ لأنَّها أشبهت (فَعْلاء) في الجمعِ، فقيل: أَشاوى كصحارى، وأَشياوات كصحراوات. وهذا قولُ الكسائي وأبي عبيد (8) ، وتبعهما السَّخاوي (9) ، كما وافقهما أبو حاتم السجستاني، إلا أنه لم يعلِّل منعَ الصَّرف بما ذكراه، وإنّما قال: "وكان يجب أن تنصرف إلا أنَّها سُمعت عن العرب غيرَ مصروفةٍ، فاحتال لها النَّحويون باحتيالاتٍ لا تصح" (10) .

والثالث: أنَّ وزنها (أَفعْاء) ، وأصلُها: أشيئاء، على: أفعلاء، فحذفت الهمزة الأولى التي هي لامٌ؛ لاجتماع همزتين بينهما ألفٌ، فكأنه قد اجتمع ثلاث ألفات، أو ثلاث همزات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015