ويقال في المثال الثاني: الذي أعجبني زيدٌ خلقُه، وقصته كقصة المثال السابق. وقد تقدم في المسألة السابقة أنَّ الراجحَ في الإخبارِ عن البدلِ هو الإخبارُ عن المبدلِ منه والبدل معاً؛ لئلا تخلوَ جملةُ الصِّلةِ من عائدٍ إلى (الذي) ، وفي هذه المسألة انضافَ إلى ذلك ما ذكره الزِّياديُّ، فالمنعُ إذن أَقْوى.
16- منع دخول حرف التعريف على العدد المضاف
قال الزيادي: "تقولُ: ما فعلتْ ثلاثةُ الدراهم التي أعطيتك"، وأنشد قولَ ذي الرُّمة:
وهَلْ يَرجِعُ التَّسليمَ أو يكشف العمى ... ثلاثُ الأثافي والرسومُ البلاقعُ (1)
وقولَ الفرزدق:
مازال مُذْ عقدتْ يداه إزارَه ... ... فسما فأَدْرَكَ خمسةَ الأشبارِ (2)
ثم قال: "وروى الكسائي: الخمسة الأثواب، والمائة الألفِ الدِّرهمِ، وقد حدَّثنا أبو زيد أنَّ قوماً من العرب يتكلمون بذلك، وليسوا فصحاء، فسألنا الذين يقولون ذلك: كيف تقولون: هذا النصف الدرهم، والثلث الدرهم؟ فلم يدخلوا الألف واللام على المضاف، قلت: فما فصلُ بينهما؟ قال: تكلَّموا بذلك، ولم يتكلموا بهذا" (3) .
أورد الزِّيادي في هذا النَّص مذهبي العلماء في دخول (ال) على العدد المضاف إلى ما عُرِّف بها:
المذهب الأول: المنع، وهو مذهبه، ومذهب أصحابه البصريين، فلم يجيزوا غير: ثلاثة الدراهم (4) ؛ لأنَّ المعرِّفين لا يجتمعان في كلمة واحدة (5) .
والمذهب الثاني: الجواز، وهو قول الكسائي وابن السكيت (6) ، وعُزي إلى الكوفيين (7) ، ولهم حجتان:
الأولى: أن ذلك ورد عن بعض العرب.
والثانية: القياس على نحو: الحسن الوجهِ (8) .
على أنَّ الفراء ذكر هذا الرأي، واحتجَّ له، ولكنَّه لم ينصَّ على جوازه، حيث قال: "فإن قلتَ: الخمسة العشرِ؛ لم يجز؛ لأن الأول غير الثاني؛ ألا ترى أنَّ قولهم: ما فعلت الخمسةُ الأثوابِ لمن أجازه تجد الخمسة هي الأثواب، ولا تجد العشرَ الخمسةَ" (9) .
هذا ودفع البصريون ومن نحا نحوهم حجتي الكوفيين: