ومن هنا يتبين أن المراد بالتوقيف أن الشارع أوقف العباد عليها بنصوص الوحي من الكتاب والسنة الصحيحة، والعباد يتوقفون على ذلك ولا يتجاوزونه بحال. أي توقيف من الله يترتب عليه توقف من العباد. وفعل التوقيف بناؤه للمطاوعة إذ تقول: وقفته إذا توقف. أما إذا لم يتوقف فلا تقول: وقفته ولكن تقول: استوقفته، أي طلبت منه أن يتوقف، واستفعل تدل على الطلب، وفعّل بتشديد عين الكلمة للمطاوعة، كما تقول: علمته فتعلم، وكسرته فتكسر، وقلبته فتقلب؛ تقول: وقفته فتوقف. والمطاوعة معناها؛ ظهور أثر الفعل في المفعول، فالله تعالى وقف عباده على ما ينبغي أن يتوقفوا عليه ولا يتجاوزوه، فتوقيفه العباد توقيف دلالة وإرشاد وتعليم، وليس توقيف جبر وقهر، لأن القضايا الإيمانية اختيارية وليست جبرية، فمن قبل توقيف الله تعالى ولم يتجاوز ما جاءت به النصوص الشرعية بتمثيل أو تأويل يؤدي إلى التعطيل فقد أفلح وفاز، ومن لم يتوقف بتوقيف الله تعالى، وتجاوز حدود النصوص الشرعية بعقله القاصر فقد تعدى حدود الله: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ((1) .