ومن رأى أن يتجاوز حدود الإثبات الشرعي لأسماء الله وصفاته فشبه الله تعالى بخلقه في ذلك فقد ضل ضلالاً بعيداً، لأن ربنا تبارك وتعالى لا يشبهه أحد من خلقه في صفاته الذاتية والفعلية، فكما لا تشبه ذاته ذوات خلقه، لا تشبه صفاته صفات خلقه سبحانه. ومن رأى بعقله المحدود أن ما جاء في النصوص الشرعية من الأسماء والصفات ظاهر معانيها لا يليق بالله تعالى، فأتى بمعان زعم أنها هي المرادة من النصوص فقد استدرك على الله تعالى ورسوله، حيث اعتقد أن الظاهر من كلامه تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام لا يليق بالله تعالى، وأن الذي يراه ويؤول به النصوص هو الصواب، وذلك رجم بالغيب، وتزكية للنفس حيث رأى أن عباراته التي أتى بها لتفسير كلام الله تعالى وكلام رسوله أليق بالله تعالى وأوضح في تنزيهه عن مشابهة الخلق، وهذا منتهى الغرور أن يظن عبد بربه أنه خاطب عباده بما لا يفهم منه إلا ما لا يليق به، واتهام لرسوله المبلغ عنه البلاغ المبين أنه ما بين ما أنزل الله عليه لأمته، وأنه خاطب أمته بما لا يفهمون مراده منه، حتى نهض هؤلاء لبيان ما قصر عنه البيان في كتاب الله وسنة رسوله.الأمر الثالث: مسائل الإيمان غير قابلة للنسخ، فالقضايا الإيمانية هي التصديق بالأمور الواقعة، أو التي ستقع على سبيل القطع، على الوجه الذي وردت به النصوص الشرعية، وهي إخبار الله تعالى أو إخبار رسوله عن أمور واجبة التصديق والتسليم، فالأخبار لا تنسخ وإنما الأوامر والنواهي هي التي يدخلها النسخ، وأما الأخبار فنسخها يعني عدم صحتها، وذلك ما لا يجوز على أخبار الله تعالى، (ومن أصدق من الله حديثا ((1) (ومن أصدق من الله قيلا ((2) ، وكذلك لا يجوز على أخبار رسوله إلا الصدق لأنه: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ((3) ، فالله تعالى ما اصطفاه للرسالة إلا لعلمه أنه أصدق الناس وأحفظهم للأمانة التي حملها الله إياه. فمن فهم هذه الأمور الثلاثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015