قيل إن ذلك راجع أيضا إلى هذه القاعدة التي لا يخرج عنها ركن من أركان الإيمان، وذلك بأن الإيمان بالرسل ليس متعلقا بوجودهم في زمن من الأزمان، وذلك أمر معلوم بداهة، ولكن الذي يتعلق به الإيمان إرسال الله تعالى لهم وذلك هو الغيب الذي أمرنا بالإيمان به، أما الوجود التاريخي للرسل فهو أمر لم يكن الكفار ينكرونه، إذ هم يشاهدون الرسل في أزمانهم، وينصب كفرهم على رسالتهم ونبوتهم ولذلك قالوا لرسلهم: (إن أنتم إلا بشر مثلنا ((1) ، أي لا تتميزون علينا بالرسالة التي تدعون أنكم تحملونها ولهذا قال قوم صالح (بعضهم لبعض: (أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ((2) . وقال
الكافرون لرسول الله (كما حكى الله تعالى عنهم في قوله: (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ((3) وما قالوا هذا إلا نفيا وإنكارا للأمر الغيبي الذي هو النبوة والرسالة.