وكذلك الكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله، متعلق الإيمان لم يكن بوجودها بين الناس، فإن وجودها في أيدي الناس، أمر حسي لا ينكره أحد، ولكن الذي أمرنا بالإيمان به كونها منزلة على الرسل من عند الله تعالى، والذين كفروا بها لم يكفروا بوجودها، ولكنهم كفروا بنزولها من عند الله. ولذلك قالوا لرسلهم كما حكى الله تعالى عنهم بقوله: (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون ((1) ، وقال الله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ((2) . وقالوا في القرآن الكريم: (إن هذا إلا قول البشر ((3) .وهذا يدل على أن كفرهم كان متعلقا بنزول الوحي به لا بوجود الكتاب العيني، فإن المشار إليه بقولهم: (إن هذا (هو القرآن المعروف لديهم بوجوده بينهم، ولم ينكروا إلا كونه من عند الله تعالى. ويلحق بهذا القسم مكنونات الصدور من مقاصد ونوايا. فإن ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى. ولهذا وصف الله تعالى نفسه الكريمة بقوله: (يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ((4) ،: (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ((5) ،: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ((6) . فمن زعم أنه يعلم خواطر النفوس وكوامنها وأسرارها، فقد تجاوز حدوده واعتدى على حق الله تعالى. وأما ما قد يلمع لبعض من أخلصوا لربهم وصدقوا في اتباعهم من لمع تتعلق ببعض الخواطر فليس من العلم بالغيب، وإنما هو فراسة كما سيأتي ذكر ذلك في مبحث خاص إن شاء الله تعالى.

القسم الثاني: الغيب النسبي أو الإضافي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015