فهو إن أعطى لا يمن على أحد من الخلق لأنه يؤمن إيماناً يمنعه من المن والأذى يهتدي في هذا بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوانٍ عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيءٍ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ((1) .

وهو كذلك إن أعطى يخفي عطاياه خشية الرياء، ويهتدي في هذا بقول رسول الله (في أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:

" ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ". يتحرى في صدقته السرية ليقينه بأن الله تعالى يرى ما يخفيه، ويتقبله ويضاعفه له.

وإن أطعم أطعم ابتغاء رضوان الله تعالى مهتدياً بقوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً (إنَّا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً ((2) .

إنه إن أطعم لا يرجو من وراء ذلك شكراً من أحد، وإنما يرجو ثواب الله تعالى ويخاف من سوء الحساب في ذلك اليوم الشديد هوله الذي تعبس فيه الوجوه، وتتقطب فيه الجباه.

وإذا باع لا يطفف ولا يخسر، يهتدي في ذلك بقول الله تعالى:

(ويلٌ للمطففين (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليومٍ عظيم (يوم يقوم الناس لرب العالمين ((3) .

إنه لا يفعل ما يفعله المخسرون الخاسرون من التطفيف في الوزن والكيل، إذ إنهم حينما يكتالون يأخذون حقهم وافياً، أما إن اكتال الناس أوزنوا عندهم، فهم يبخسون حقوقهم ويخسرونهم. وهذه حال من لا يؤمن أن الله سيبعثه في ذلك اليوم العظيم الذي يقوم فيه الناس لربهم ليجزوا ويحاسبوا على أعمالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015