: (والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ((1) ، وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ((2) وقال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ((3) .

هكذا يثق المؤمن بمعية الله عز وجل وهو متمسك بدينه عامل بشرعه مصدق بوعده وكلماته ونصره وتأييده، فترتاح نفسه، ويهدأ باله، ويطمئن قلبه، ويسكن فؤاده، وتنشط أعضاؤه وجوارحه في طاعة ربه، ويلهج لسانه بذكره، فلا تؤثر فيه المحن، ولا تربكه الفتن، ولا تزعجه حوادث الزمان، ولا تكدر صفو حياته غوائل الحدثان. لأنه على هدى من ربه، إذ يعلم أنه ملك لله تعالى يتصرف فيه كيف يشاء، فما عليه إلا أن يرضى بحكمه ويسلم لأمره، ويؤمن بقضائه وقدره، وذلك هو أثر الإيمان.

أثره في المعاملة:

إن أثر الإيمان بالغيب يظهر جلياً في معاملة المؤمن للناس، قريبهم وبعيدهم، صديقهم وعدوهم مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم. فالمؤمن الصادق في إيمانه، يعامل الناس، وليس له من وراء ذلك إلا ابتغاء مرضاة الله تعالى. فيكون براً بوالديه واصلاً لرحمه، موقراً للكبير راحماً للصغير معيناً للمحتاجين مطعماً للفقراء والمساكين آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، مشفقاً على العباد، معيناً على النوائب والمصائب. سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، إذا كال أو وزن وفى، وإذا وعد وفى، وإذا قال صدق، وإن شهد أو حكم عدل، وإن خاصم أنصف، وهو في هذا كله يهدي بالحق وبه يعدل، وبشرع الله القويم يصول ويجول، وفي روضات القرآن الندية يسرح ويرتع، ومن رحيق أزهاره العطرة يرشف، ومن بحاره الزاخرة يغرف، وفي ساحاته الرحبة الطاهرة يعكف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015