فقال: إن حمّاد بن سلمة كان يخطيء فأردت أن أميِّز خطأه من خطأ غيره، فإذا رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء علمت أن الخطأ من حماد نفسه، وإذا اجتمعوا على شيء عنه وقال واحد منهم بخلافهم علمت أن الخطأ منه لا من حمّاد، فأميِّز بين ما أخطأ هو بنفسه وبين ما أخطيء عليه" (1) .
وقال يحي بن معين (ت233هـ) رحمه الله: "لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه" (2) .
ولا يتوقف الحال على هذا؛ بل هم يعتبرون حديثه بأحاديث الثقات.
عن عبد الرحمن بن مهدي (ت198هـ) رحمه الله قال: "كنا عند شعبة (ت160هـ) فسئل: يا أبا بسطام حديث من يترك؟ قال: من يكذب في الحديث، ومن يكثر الغلط، ومن يخطيء في حديث مجتمع عليه فيقيم على غلط فلا يرجع، ومن روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون. وليس يكفيه في الرجوع أن يمسك عن رواية ذلك الحديث في المستقبل حسب، بل يجب عليه أن يظهر للناس أنه كان قد أخطأ فيه وقد رجع عنه" (3) .
وقال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله: "توهمت أن بقية لا يحدِّث بالمناكير عن المشاهير فعلمت من أين أتي" (4) .
قال الحاكم (ت405هـ) رحمه الله: "إن الصحيح لا يعرف بروايته فقط، وإنما يُعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ليظهر ما يخفى من علة الحديث"اهـ (5) .
قال ابن حجر (ت852هـ) رحمه الله: "إنما يظهر أمر [المقلوب] بجمع الطرق واعتبار بعضها ببعض ومعرفة من يوافق ممن يخالف فصار المقلوب أخص من المعلل والشاذ، فكل مقلوب لا يخرج عن كونه معللاً أو شاذاً"اهـ (6) .
وكان من طرقهم في كشف القلب: أنهم يحفظون أحياناً النسخ الموضوعة وأحاديث المتهمين، وأحاديث غير الحافظين حتى إذا جاء أحد فقلبها فضحوا أمره، وصاحوا به!