ويبقى وقوع القلب وهماً أو عمداً بقصد الإغراب، فما هي مرتبة الحديث في هذه الحال؟
الجواب: سبق أن القلب عمداً بقصد الإغراب من أقسام الموضوع، وهذه جملة سبق الكثير من تفاصيلها قريباً في أوّل هذا المطلب، فلا يحسن التكرار.
ويبقى ما هي مرتبة الحديث المقلوب وهماً من الراوي؟
والجواب: الحديث المقلوب عموماً لا يخرج عن كونه معلولاً أو شاذاً (1) .
ولكن هل كل شذوذ أو علة تخرج الحديث عن حيز القبول؟
أو بعبارة أخرى: هل كل علة أو شذوذ تقدح في ثبوت الحديث؟
الجواب: قد حرر أهل العلم أن وصف العلة والشذوذ المشترط انتفاؤه عن الصحيح والحسن إنما هو العلة القادحة والشذوذ القادح.
ومعنى هذا الكلام: أنه قد يجتمع وصف الصحة والحسن مع العلة والشذوذ بشرط أن لا تكون العلة قادحة، ولا يكون الشذوذ قادحاً! (2) .
وعليه؛ فقد يجتمع وصف القلب والاضطراب مع الصحة أو الحسن، بشرط أن لايكون القلب والاضطراب قادحاً (3) .
نعم إذا كان القلب قادحاً فالحديث ضعيف.
المقصد الرابع: كيف يُعْرَف القلب.
الأصل في معرفة وقوع القلب في الحديث وكشفه هو جمع طرقه والنظر فيها، ومقابلتها بأحاديث الثقات.
قال ابن حبان (ت354هـ) رحمه الله، سمعت محمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الملطي يقول: "جاء يحي بن معين (ت233هـ) إلى عفان ليسمع منه كتب حمّاد ابن سلمة، فقال له: ما سمعتها من أحد؟ قال: نعم حدثني سبعة عشر نفساً عن حماد بن سلمة! فقال: والله لا حدّثتك! فقال: إنما هو وَهْم، وانحذر إلى البصرة واسمع من التبوذكي. فقال: شأنك!
فانحدر إلى البصرة، وجاء إلى موسى بن إسماعيل فقال له موسى: لم تسْمع هذه الكتب عن أحد؟
قال: سمعتها على الوجه من سلعة عشر نفساً وأنت الثامن عشر!
فقال: وما تصنع بهذا؟