1 - قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: {ومن أوجبه قال: السخط حرام، ولا خلاص عنه إلاَّ بالرضا، وما لا خلاص عن الحرام إلاَّ به فهو واجب} (1) .

قلتُ: فجعلوه من باب: ما لايتم الواجب إلاَّ به فهو واجب.

2 - قالوا: إن ذلك من تمام الرضا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - (- رسولاً (2) .

3 - أنه إذا لم يكن راضياً بقضاء الله وقدره فهو ساخط، إذ لا واسطة بين الرضا والسخط، وسخط العبد على قضاء الله - تعالى - مناف لرضاه به (3) .

4 - أن عدم الرضا بالقضاء والقدر يستلزم سوء الظن بالله، ومنازعة في اختياره لعبده، وأن الرب - سبحانه - يختار شيئاً ويرضاه، فلايختاره العبد ولايرضاه، وهذا مناف للعبودية (4) .

5 - ما روي في الأثر: {من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلواي فليتخذ رباً سواي} (5) .

ويجاب عن هذه الأدلة بما يلي:

1 - أن الرضا بكل ما يخلقه الله ويقضيه ليس عليه دليل من كتاب الله ولا من سنة رسوله - (- ولا قال به أحد من السلف، أمَّا الرضا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، فهو واجب، دل على وجوبه الكتاب والسنة (6) .

2 - أن الرضا يشرع بما يرضى الله به، والله قد أخبر أنه {لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (7) و {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (8) ، وقال - تعالى -: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (9) .

وهذا أمر موجود من أقوال العباد، وقد أخبر الله أنه لايرضاه، فإذا لم يرضه كيف يأمر العبد بأن يرضاه، بل الواجب أن العبد يسخط ما يسخطه الله، ويبغض ما يبغضه، ويرضى بما يرضاه الله.

قال الله - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَآ أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (10) ، فذم من اتبع مساخطه وكره مراضيه، ولم يذم من كره مساخطه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015