وقوله - عزّوجل -: {وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةُ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ} (1) .

قال ابن القيم - رحمه الله - بعد ذكر هذه الآيات في هذا المقام: {فمن نزل هذه الآيات على هذا الحكم علماً، ومعرفة، وقام بموجبها إرادة، وعزماً، وتوبة، واستغفاراً، فقد أدى عبودية الله في هذا الحكم، وهذا قدر زائد على مجرد التسليم والمسالمة ... } (2) .

حكم الرضا بالمصائب

تنازع العلماء، والمشائخ من أصحاب الإمام أحمد، وغيرهم في الرضا بالقضاء في المصائب، هل هو واجب، أم مستحب، على قولين:

القول الأول: أنه واجب، وعلى هذا فهو من أعمال المقتصدين، ومعنى ذلك أنه فرض وعبادة كالصبر وغيره.

القول الثاني: أنه مستحب، وعلى هذا فهو من أعمال المقربين، أي أن الرضا به قربة لله - تعالى - يتقربها العبد لربه (3) .

وهذا بيان أدلة كل قول ومناقشتها وبيان القول الراجح:

القول بالوجوب: هو قول في مذهب الإمام أحمد (4) - رحمه الله - وممن ذهب إلى ذلك الإمام القرطبي المفسر - رحمه الله - قال: {فالواجب على كل امرئ الرضا بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه له فيما يحب} (5) .

وقال ابن حجر - رحمه الله -: {في قصة موسى والخضر من الفوائد: أن الله يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه بما يشاء، مِمَّا ينفع، أو يضر، فلا مدخل للعقل في أفعاله، ولا معارضة لأحكامه، بل يجب على الخلق الرضا والتسليم، فإن إدراك العقول لأسرار الربوبية قاصر، فلايتوجه على حكمه} (6) .

ومعنى ذلك أنه يجب الرضا بالقضاء في المصائب والأوامر معاً.

أدلة أصحاب هذا القول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015