وعلى هذا، فإنه لابد أن يرضى بهذا المقضي، ولايجزع، ولايعترض على قدر الله وقضائه، وإن كره، أو تألم، أو أبغض المقدر، أو طلب تغييره إلى ما هو أحسن، مع علمه بأنه قد يكون ما أصابه من ذلك خير مِمَّا هو يحب أن يصيبه، مِمَّا ظاهره الخير، فهو غير مأمور بمدافعة القضاء الكوني {وَعَسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (1) .

النوع الثاني: ما ليس للعبد فيه اختيار، ولا طاقة، ولا حيلة في منازعته ومدافعته.

وهذا ما أشار إليه حديث عبادة - رضي الله عنه - السابق: {واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك} الحديث.

فهذا لاتنفع فيه المنازعة، ولا المدافعة، فهذا يقابل بالرضا، والاستسلام، وترك المخاصمة والسخط، والعلم والإيمان بأن الأمر والحكم والقضاء لله من قبل ومن بعد، وأنه - سبحانه - له حكمة في ذلك هو يعلمها - سبحانه -، وهو عدل في قضائه، والقدر المقضي ينزل مواقعه، ويحل محله لا راد له، وذلك أوجب للرب - سبحانه - عدله، وحكمته، وعزته، وملكه، وموجب أسمائه وصفاته، فله عليه أكمل الحمد، وأتمه، والرضا، والتسليم (2) .

وهذا ما دل عليه قوله - تعالى -: {أَوَلَمَّآ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3) أي: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه (4) .

وقال - سبحانه -: {مَآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} (5) .

وقوله - تعالى -: {وَمَآ أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (6) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015