قلتُ: والفرق بين المقامات، والأحوال عند الصوفية: أن المقامات عندهم من المكاسب، أمَّا الأحوال فهي مجرد المواهب.

والصحيح: أن المقامات قد تحصل بفعل الأسباب من العبد، وقد تحصل من غير فعل العبد، وفي كلا الحالتين فالموجد لها هو الله - سبحانه وتعالى -، فمقام الرضا بالقضاء: مقام عظيم، وأصل من أصول الإيمان، ومن قواعد الدين، التي يطلب بها حظوظ الدنيا، وأمور الدين، وهي في أمور الدين أعظم، كالتوكل، والإنابة، والاستعانة، وغيرها (1) .

وقد يحصل على الرضا بسبب، وقد لايحصل عليه، فالسبب والمسبب من الله - تعالى -، ولذلك طلب الرسول - (-: الرضا بالقضاء: {وأسألك الرضا بعد القضاء} .

أمَّا الحال فهي التي يكون عليها العبد عند القضاء وهي قسمان:

1 - حال شرعية: وهي التصرف بما أمر الله ورسوله، وترك ما نهى الله عنه، ورسوله، فهذه الأحوال مواهب من الله، وكرامات للصالحين من هذه الأمة.

2 - حال غير شرعية: وهي السخط، والاعتراض، وعدم التسليم، وهي حال فاسدة لايتمثل صاحبها ما أمر الله به ورسوله، ولايتصرف بها في ذلك.

فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة، ولايدل إعطاؤهم، أو إمهالهم، على محبة الله لهم.

الصلة بين الرضا والتوكل

التوكل من مقامات المؤمنين لا انفكاك للمؤمن منه.

والرضا أعلى درجات التوكل، بل هو باب الله الأعظم، كما قيل، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين ونعيمهم، وحياة المخبتين، وقرة عيون المشتاقين} (2) .

فالرضا ثمرة التوكل، والتوكل نصف الإيمان، وهما من أعلى مقامات الإحسان التي هي أعلى المندوبات (3) .

وقد قيل: إن حقيقة التوكل: الرضا؛ لأنه لما كان ثمرته، وموجبه، استدل له عليه استدلالاً بالأثر على المؤثر، وبالمعلول على العلة، لا أن التوكل هو الرضا، أو الرضا التوكل (4) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015