وقد سئل أبو بكر الواسطي عن ماهية التوكل، قال: {الصبر على طوارق المحن، ثُمَّ التفويض، ثُمَّ التسليم، ثُمَّ الرضا، ثُمَّ الثقة} (1) .

قال الله - تعالى -: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَآءَاتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} (2) .

قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: {فتضمنت هذه الآية الكريمة أدباً عظيماً، وسراً شريفاً، حيث جعل الرضا بما آتاه الله ورسوله، والتوكل على الله وحده، وهو قوله: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ، وكذلك الرغبة إلى الله وحده، في التوفيق لطاعة الرسول - (- وامتثال أوامره، وترك زواجره، وتصديق أخباره، والاقتضاء بآثاره} (3) .

فعلى هذا لابد من فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، في التوكل والرضا، ومن قال فيهما بترك الأسباب، والركون إلى مسبب الأسباب، فقد طعن في سنة الرسول - (- كما سيأتي - إن شاء الله - في فصل الرضا، وفعل الأسباب.

وقال ابن تيمية - رحمه الله -: {والرضا والتوكل يكتنفان المقدور، فالتوكل قبل وقوعه، والرضا بعد وقوعه} (4) .

فما يكون قبل القضاء إنَّما هو عزم على الرضا، وهو التوكل لا حقيقة الرضا، فهو بعد القضاء، فالعبد لابد أن يتوكل على الله، ويعزم على الرضا، فيما لو وقع ما لايحب، أو ما لايرى فيه فائدته في الظاهر، وإذا وقع المقدر، رضي به، على ما سيأتي في حكم الرضا بالقضاء - إن شاء الله -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015