فإنك لاتدري أتصبح أم تمسي (1)
قال أبو ذؤيب الهذلي (2) :
والنفس راغبة إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع (3)
وقال لبيد (4) :
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه
ومنهم شقي بالمعيشة قانع (5)
قلتُ: ويُمكن أن تكون حقيقة الرضا، هي: لزوم ما جعل الله رضاه فيه، من الأحكام الشرعية، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، لاسيما إذا قام بواجبها، ومستحبها، وعمل ما أبيح له من غير تعد إلى المحظور، مع اليقين والصبر، وعدم طلب فضول الشهوات، والقناعة بما يقضيه الله له في عيشه، وما يحتاج إليه في حياته، وعدم حسد الخلق، أو مخاصمتهم، أو تمني ما في أيديهم، أو سخط ما آتاه الله، وإن كانت نفسه تكرهه طبعاً، وتظنه ليس خيراً، والتسليم بذلك، مع فعل الأسباب المأمور بها، وكراهة المعاصي، والابتعاد عنها، كما تدل عليه النصوص الكثيرة، منها قوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولائِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (6) .
وما في الصحيح عن أبي هريرة، عن النبي - (- قال: {إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مِمَّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته} (7) .
وستتضح حقيقة الرضا بالحديث عن أنواع الرضا بالقضاء وأنواع القضاء - إن شاء الله تعالى -.
الرضا مقام أم حال؟